بسم الله الرحمن الرحيم
صيام
الست من شوال
صيام ستة أيام من شهر شوال
عبادة مشروعة وهي من صوم النفل لما رواه الإمام مسلم رحمه الله عن أبي أيوب
الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ﴿من صام رمضان وأتبع ستا
من شوال كان كمن صام الدهر﴾ ، ووقت مشروعيتها
من ثاني يوم من شوال إلى نهاية الشهر
وذلك لأن صيام الأول من شوال محرم لكونه عيدا وصيام يوم العيد منهي عنه والتأخير
إلى انقضاء الشهر لا يصح لأنها محددة بشهر شوال فلا تصام إلا فيه ، وأما كيفية
صيامها فيجوز أن تصام متتابعة أو متفرقة لعدم الدليل على تحديد التتابع أو عدمه
ويجوز صيامها في أول الشهر أو أوسطه أو آخره لعدم ثبوت التحديد ، ومن صامها عاما
فلا يلزمه أن يصومها كل عام بل تبقى على استحبابها في كل عام ، ومن كان عليه قضاء
من رمضان فهل له أن يصومها قبل أن يقضي ما عليه؟ أم يلزمه القضاء أولا؟ فيها قولان
لأهل العلم :
القول الأول : جواز صومها
لمن عليه قضاء ولو قبل صيام القضاء ، وحجة أصحاب هذا القول : أنها محددة بزمن
والقضاء غير محدد فجاز تقديمها في وقتها المحدد وبالأخص أنه ثبت عن بعض الصحابة
تأخيرهم للقضاء إلى ما بعد شوال بل حتى إلى شعبان كما ثبت ذلك عن عائشة أم
المؤمنين رضي الله عنها مع علمنا بحرصهم على الخير وتسابقهم على الطاعات .
القول الثاني : يجب تقديم
القضاء قبل الشروع بصوم الست ، وحجة أصحاب هذا القول : أن القضاء واجب وصيام الست
مستحب وتقديم المستحب على الواجب ليس من الشرع ولا من العقل ، كما أن قول النبي
صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم ((من صام رمضان...)) فيه اشتراط لصوم رمضان
والذي عليه قضاء لا يصدق عليه أنه صام رمضان بل إنه قد صام جزءا من رمضان فلا
يستحق الفضيلة الواردة في الحديث حتى يؤدي ما عليه من القضاء أولا.
والذي يظهر لي والله أعلم بعد
التأكيد على أولويه المبادرة بالقضاء والحرص على إبراء الذمة إلا أنه لا يشترط ذلك
لما تقدم من تعليل ولأمور أخرى منها: أن الإسلام جاء بالتيسير لقول الله سبحانه : )...يُرِيدُ
اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ... (سورة البقرة آية 185 ومقتضى ذلك أن لا نلزم من أراد الحصول على أجر
صيام ستة أيام من شوال بأن يقضي ما عليه أولا ونحن نعلم أن ذلك قد يستغرق شوال
كاملا أو أغلبه بما يجعل من صيام القضاء وإتباعه بالست أمرا فيه من المشقة ما هو
ظاهر للمتأمل ، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار
أيسرهما مالم يكن إثما كما ثبت ذلك عن عائشة رضي الله عنها ولا شك أن أيسر الأمرين
عدم الإلزام بتقديم القضاء وكما نعلم جميعا أن هذا الأمر ليس إثما فتعين جواز الترخيص
بالصوم قبل القضاء ، وأما حجة أن لفظ الحديث فيه اشتراط صوم رمضان فلا يمنع أن من
أدى القضاء الذي عليه بعد شوال أن يقال أنه قد صام رمضان ،
وهذا القول وإن كان اجتهادا
إلا أنه موافق لمقاصد الشريعة والله أعلم .
بقلم : حماد الصعيب
للمتابعة :
0 التعليقات :
إرسال تعليق